مقابر خان يونس .. مثوى الأموات مأوى للنازحين

bourbiza mohamedمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
مقابر خان يونس .. مثوى الأموات مأوى للنازحين
مقابر خان يونس .. مثوى الأموات مأوى للنازحين


غزة/ حسني نديم/ الأناضول

ليست كغيرها من أطفال العالم، فالطفلة الفلسطينية نفيسة كوارع (11 عامًا) لا تستطيع اللجوء إلى مدينة الملاهي لقضاء وقت ممتع أو النوم على فراش مريح دافئ، لأنها في قطاع غزة الذي يشهد حربا إسرائيلية مدمرة للشهر العاشر.

اتخذت الفتاة برفقة عائلتها المكونة من 8 أفراد مقبرة في مدينة خان يونس مأوىً لهم، في ظل هجمات إسرائيل على المناطق الشرقية للمدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة وتدمير منزلهم في بداية الحرب.

اللعب بين القبور

وبرفقة شقيقتها وصديقاتها، تلهو الطفلة بين القبور والشواهد وتلعب بالرمال، في مشهد يعكس مدى المعاناة التي تعيشها العائلات الفلسطينية النازحة في ظل الحرب.

في هذا المكان المكتظ بالقبور والنازحين، الذي كان من المفترض أن يكون مخصصًا للأموات، تعثر الطفلة وأحباؤها على لحظات من البراءة واللعب ومكان مؤقت للسكن، بينما تعصف بهم الظروف القاسية والمستمرة.

​​​​​​​مأساة النزوح

واضطر النازحون من منازلهم قسرا للعيش بين قبور الأموات، مما يعكس حجم مأساة الحرب المستمرة للشهر العاشر على التوالي وآثارها الإنسانية المدمرة على الفلسطينيين، في ظل انتشار الأمراض والأوبئة.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يواجه الفلسطينيون معاناة النزوح، حيث يأمر الجيش الإسرائيلي سكان مناطق وأحياء سكنية بإخلائها استعدادا لقصفها وتدميرها والتوغل داخلها.

ويضطر الفلسطينيون خلال نزوحهم للجوء إلى بيوت أقربائهم أو معارفهم، والبعض ينصب خياما في الشوارع والمدارس أو أماكن آخرى مثل السجون والمقابر ومدن الألعاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، مليوني شخص.

بين جثث الموتى

وقالت الطفلة نفيسة، للأناضول: “نزحنا بفعل العملية العسكرية البرية من منزلنا إلى المقبرة”.

وأضافت: “نزحنا إلى المستشفيات والمقابر وكثير من الأماكن، كل يوم نسمع أصوات الطائرات وأصوات البكاء والصراخ على الشهداء، ونرى الجنازات، نشعر بخوف كبير”.

وتشعر الطفلة، بالخوف والقلق أثناء اللعب بين قبور الأموات والشهداء، لكنها تحاول التعايش مع هذا الواقع المؤلم.

فيما قال الفلسطيني أحمد كوارع، الذي لجأ إلى مقبرة في خان يونس برفقة عائلته: “نحن كائنات ميتة تتنفس وتعيش في المقابر بجوار الأموات”.

واضطر أحمد لنصب خيمة داخل المقبرة التي دفن فيها اثنين من أبناء عمه، بعد مقتلهما في قصف إسرائيلي استهدف تجمعًا للمواطنين في منطقة جورة اللوت، ونام بالقرب منهما في محاولة للبقاء على قيد الحياة.

وأضاف للأناضول: “نزحنا من خان يونس بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء بذريعة أن المناطق الشرقية هي مناطق قتال خطيرة، فاضطررنا للبحث عن مكان يأوينا”.

ولم تنجح محاولات عائلة “أحمد” في إيجاد مأوى في منطقة المواصي وقرب شاطئ البحر غربًا، فقد كانت جميع الأماكن ممتلئة عن بكرة أبيها، ولا يوجد متسع لوضع خيمة جديدة.

وتابع: “دفنا أنفسنا مع الأموات، ونحن لا نزال على قيد الحياة، لم يعد لدينا أي مشاعر أو أحاسيس؛ فالحالة النفسية صعبة للغاية والحرب أنهكتنا”.

وتساءل: “هل يمكنك أن تتخيل نفسك تنام داخل مقبرة وبجوار قبر؟! قبل الحرب كنا نسرع في المشي بمجرد وصولنا إلى جانب المقبرة لتجاوزها بسرعة من هول الموقف فقط”.

الأموات لم يسلموا

ولا يختلف الوضع بالنسبة للفلسطينية رحاب كوارع، التي نزحت عدة مرات وتعيش في المقابر في أوضاع كارثية وصعبة.

وقالت رحاب للأناضول: “هذه الحرب هي الأصعب، الجيش يقول لنا اذهبوا إلى المناطق الآمنة، ثم يقوم بقصف واستهداف المدنيين فيها، فأين الأمن والأمان الذي يدعيه الجيش؟”.

وأضافت: “نزحنا إلى المقابر وهي غير آمنة، فالجيش اجتاحها بريًا وجرفها وعاث فيها خرابًا وتدميرًا، فلا الأحياء سلموا ولا الأموات”.

وفي مقبرة أبو جزر المجاورة، يصف الفلسطيني فتحي محارب الوضع قائلاً: “يصل النازحون هنا إلى المقابر بلا مأوى ولا مكان بديل، فيضطرون للجلوس فوق القبور وداخل المقابر للاحتماء بأنفسهم وعائلاتهم”.

وأضاف لمراسل الأناضول: “جميعنا أموات هنا، لا فرق بيننا وبين الأموات”.

وأشار فتحي إلى أنهم يقدمون المساعدة للنازحين في حفر وتجهيز القبور، لأن الكثيرين لا يستطيعون تحمل تكاليف ذلك.

أما الفلسطيني منار كوارع، فقال لمراسل الأناضول: “نحن أحياء لكننا فعليًا أموات، لا نريد شيئًا من هذا العالم، نريد فقط البقاء في بيوتنا وأن نعيش آمنين”.

وأضاف النازح: “نعيش في أكواخ لا تصلح للعيش الآدمي وهي أقرب لعيش الدواجن والحيوانات، لا مياه ولا طعام”.

ويعاني النازحون من صعوبة بالغة في توفير المياه الصالحة للشرب، حيث يقطعون مسافات طويلة للحصول على بضعة لترات منها.

ويقوم السكان بتقنين استخدامهم لمياه الشرب خشية من انقطاعها وعدم الحصول على كميات جديدة.

ويواجه المواطنون تفاقمًا في أزمة شح الطعام التي تهدد حياتهم بسبب استمرار الحرب، وما رافقها من تشديد للحصار ومنع أو تقنين إدخال المواد الغذائية التي كانت محدودة أصلًا.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حربا على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.



الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.





مصدر الخبر وكالة الأناضول

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق