إلغاء تأجير ميناء بربرة الصومالي بين الإلزام القانوني والأمر الواقع

bourbiza mohamed13 يناير 2024آخر تحديث :
إلغاء تأجير ميناء بربرة الصومالي بين الإلزام القانوني والأمر الواقع


إسطنبول / الأناضول

ـ الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أصدر مرسوما لإلغاء مذكرة التفاهم بين إقليم أرض الصومال الانفصالي وإثيوبيا لتأجير ميناء بربرة لأغراض تجارية وعسكرية
ـ قرار الإلغاء له سلطة إلزامية بالنظر لعدم امتلاك إقليم أرض الصومال الانفصالي اعترافا دوليا، وإمكانية لجوء مقديشو إلى المحاكم الدولية لإبطاله
ـ آبي أحمد قال إن إيجاد منفذ لإثيوبيا عبر البحر الأحمر مسألة حياة أو موت، وقائد أركانه استقبل “نظيره” في أرض الصومال بعد نحو أسبوع من توقيع مذكرة التفاهم
ـ الرئيس شيخ محمود يحشد دعم أصدقاء بلاده ودول الجوار الرافضة للمساس بوحدة الصومال

في يناير/ كانون الثاني الجاري، أصدر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مرسوما لإلغاء مذكرة التفاهم الموقعة قبل أيام بين إقليم أرض الصومال الانفصالي وإثيوبيا لتأجير ميناء بربرة لأغراض تجارية وعسكرية، ما أثار جدلا بشأن جدواها القانونية، ومدى قدرة أديس أبابا على فرض الأمر الواقع.

سبق لإثيوبيا أن استحوذت على 19 بالمئة من حصة تسيير ميناء بربرة في 2018، بالشراكة مع موانئ دبي (51 بالمئة)، و30 بالمئة لحكومة أرض الصومال، غير المعترف بها دوليا.

لكن المشروع لم ير النور لأسباب غامضة، إلا أن المعلن منه معارضة الحكومة الصومالية الاتحادية له وإلغاؤه، ومنع البرلمان الصومالي لموانئ دبي من النشاط في البلاد.

كما أن المعارضة في برلمان إقليم أرض الصومال انتقدته ووصفته بـ”الغامض”، وتتحدث بعض المواقع الإخبارية عن خلافات بين موانئ دبي وحكومة الإقليم في بعض تفاصيل الاتفاق المتعلق بإنجاز قاعدة بحرية إماراتية بالإقليم.

لم تكن الأجواء الدولية مهيئة لمضي موانئ دبي في الاستحواذ على تسيير ميناء بربرة بالشراكة مع إثيوبيا، خاصة بعد خلافها مع الدولة المجاورة جيبوتي، ووجود بدائل أخرى في اليمن.

ويمكن للحكومة الصومالية أن تتبنى نفس الخيارات والأساليب للضغط على إثيوبيا للانسحاب من مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، باعتبارها باطلة قانونا، ولأنها صادرة من سلطة غير معترف بها دوليا.

لكن إيجاد منفذ على البحر الأحمر “مسألة وجودية” لإثيوبيا، وفق ما أعلنه رئيس وزرائها آبي أحمد أمام البرلمان في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ـ باطل قانونا

اختار الرئيس الصومالي الطريق القانوني بإلغاء مذكرة التفاهم المتعلقة بتأجير ميناء بربرة لإثيوبيا، باعتبار الإقليم الذي أعلن انفصاله عن البلاد في 1991، غير معترف به دوليا، ولا يملك وفق القانون الدولي السلطة القانونية لتوقيع أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم أو معاهدات دولية.

هذا ما يجعل مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال غير قانونية، ويمكن لمقديشو اللجوء إلى المحاكم الدولية لإبطالها.

وحتى إن رفضت إثيوبيا الاعتراف بها، فإن المجتمع الدولي طبقا لأي حكم قضائي من جهة ذات اختصاص، على غرار محكمة العدل الدولية في لاهاي، يمكنه مقاطعة التعامل تجاريا مع إثيوبيا عبر ميناء بربرة.

أو فرض عقوبات على السفن التجارية التي تتعامل مع ميناء بربرة لصالح إثيوبيا، إذا تمكن الصومال من الحصول على قرار من مجلس الأمن الدولي، في هذا الصدد.

فالموقف الصومالي قوي من الناحية القانونية، ومصيري بالنسبة إلى وحدة البلاد، لأن اعتراف إثيوبيا بحكومة أرض الصومال، سيكون سابقة من شأنها أن تجر دولا أخرى إلى الخطوة نفسها (إذا استثنينا تايوان التي تتبادل مع أرض الصومال الاعتراف).

ـ فرض الأمر الواقع

إثيوبيا تدرك أن أرض الصومال لا تملك الاعتراف الدولي، ومع ذلك أقدمت على هذه الخطوة رغم اعتراض مقديشو، ومصر والجامعة العربية وتركيا عليها.

وما يؤكد مُضي أديس أبابا قُدما نحو تنفيذ اتفاقها مع هرجيسا (عاصمة أرض الصومال)، استقبال رئيس الأركان الإثيوبي برهانو جولا، “نظيره” في أرض الصومال اللواء نوح إسماعيل تاني، بعد نحو أسبوع من توقيع مذكرة التفاهم بين الجانبين.

فإيجاد منفذ على البحر الأحمر قضية “حياة أو موت” لإثيوبيا، بحسب آبي أحمد، الذي توقع في خطابه الشهير أمام البرلمان أن يتجاوز عدد سكان البلاد 150 مليون نسمة بحلول عام 2050.

وهذه القضية “الوجودية”، وفق آبي أحمد، تجعل إثيوبيا أمام خيارين للوصول إلى البحر الأحمر، إما عبر المفاوضات مع كل من إريتريا وجيبوتي والصومال، أو ببساطة عبر الخيار العسكري كما كان يحدث قبل قرون خلت، بل وحتى قبل عقود مضت.

وتوصل أديس أبابا إلى اتفاق لتأجير ميناء على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر من جهة خليج عدن، بالمفاوضات ومن دون حرب، مكسب استراتيجي سيسعى لتعزيزه بدل التنازل عليه، حتى وإن أدى ذلك إلى خرقه للقانون الدولي، ولسيادة دولة جارة ووحدتها.

فآبي أحمد، يرى أنه حقق “نصرا” دبلوماسيا في قضية سد النهضة، بعد أن وصلت نسبة إنجازه 94.6 بالمئة، وأصبح أمرا واقعا، دون تقديم أي تنازلات جدية للقاهرة، لضمان حصتها من مياه النيل.

والأمر الواقع الذي فرض على مصر والسودان لتقاسم مياه النيل، يمكن أن يتم فرضه أيضا على الصومال، وفق ما لمح إليه آبي أحمد، من خلال ربطه بين نهر النيل والبحر الأحمر في الأهمية لبلاده.

كما أن إثيوبيا، التي ستنضم رسميا إلى مجموعة “بريكس”، ستكون الوحيدة بين أعضائها الجدد والمؤسسين، التي ليس لها أي سواحل ممتدة أو حتى منفذ بحري.

وعضويتها في “بريكس” التي تضم أسرع الدول نموا بقيادة الصين وروسيا والهند والبرازيل، تعزز من نفوذها الدولي، ومن شأنها أن تمنحها حماية في مجلس الأمن ضد أي ضغوط محتملة.

فضلا عن أن أديس أبابا تحتضن مقر الاتحاد الإفريقي، ولديها نفوذ بين أروقته، وهو ما يفسر عدم صدور موقف حاسم من المنظمة تجاه مذكرة التفاهم مع أرض الصومال الانفصالية.

والأمر ذاته بالنسبة للهيئة الحكومة للتنمية “إيغاد” بشرق إفريقيا، مقرها في جيبوتي، والتي انضم إليها الصومال قبل أشهر فقط، لكن إثيوبيا تملك فيها النفوذ الأبرز، وتجلى ذلك في أكثر من مناسبة بينها الحرب في السودان.

ففرض الأمر الواقع في قضية ميناء بربرة، ولو عبر مفاوضات طويلة، خيار ليس مستبعدا، بالنظر إلى تجربة إثيوبيا في التعامل مع أزمة سد النهضة.

فإثيوبيا، التي تضم عدة شعوب وعرقيات متناحرة، تحتاج إلى قضية مشتركة توحدها، ومنفذ بحري على البحر الأحمر يمكن أن يكون خيارا، بعد وصول سد النهضة إلى مرحلته النهائية.

ـ حشد دعم دولي

يدرك الرئيس الصومالي أن مرسوم إلغائه مذكرة التفاهم بين الإقليم الانفصالي وإثيوبيا رغم أهميته القانونية، فإنه غير كافٍ لمنع الأخيرة من إقامة قاعدة عسكرية بحرية في ميناء بربرة، واستغلاله في الاستيراد والتصدير.

لذلك شرع الرئيس شيخ محمود، في حشد دعم دول الجوار والدول الصديقة للضغط على إثيوبيا، للتراجع عن مخططها لتأجير ميناء بربرة لنصف قرن، وإقامة قاعدة بحرية، لأن ذلك يعني تكريس انفصال إقليم كامل عن البلاد.

ففي 5 يناير الجاري، اتصل الرئيس شيخ محمود هاتفيا بنظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي قال إن “التوتر المثير للقلق بين الصومال وإثيوبيا ينبغي أن ينتهي على أساس وحدة أراضي الصومال”.

بينما كانت أول زيارة للرئيس الصومالي إلى أسمرة، حيث التقى نظيره الإريتري أسياس أفورقي، يومي 8 و9 يناير الجاري، لبحث “القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك”.

إذ تعد إريتريا، إحدى أبرز دول شرق إفريقيا عسكريا رغم عزلتها، حيث تحالفت مع آبي أحمد، في حربه ضد جبهة تحرير تيغراي (2020)، لكنها رفضت فكرة توفير منفذ لإثيوبيا عبر موانئها على البحر الأحمر.

كما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دعوة إلى نظيره الصومالي لزيارة القاهرة، عبر وفد رفيع المستوى زار مقديشو في 7 يناير الجاري.

أما جيبوتي، الرئيسة الدورية لـ”إيغاد”، فأعلنت دعمها “بقوة حماية سيادة ووحدة واستقلال أراضي جميع الدول الأعضاء في المنظمة، الأمر الذي هو أساس للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي”، في إشارة إلى رفض الخطوة الإثيوبية.



الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.





مصدر الخبر وكالة الأناضول

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق